
في تطور لافت على الساحة السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط، كشفت مصادر مطلعة عن تفاصيل اتفاق دفاعي استراتيجي بين تركيا وسوريا، يتضمن تدريب تركيا للجيش السوري الجديد وإنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا، يأتي هذا الاتفاق في إطار زيارة تاريخية للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى أنقرة، وهي الأولى من نوعها منذ نحو 15 عاماً.
الخلفية التاريخية للعلاقات التركية السورية
قبل الخوض في تفاصيل الاتفاق الدفاعي الجديد، من المهم فهم السياق التاريخي للعلاقات بين تركيا وسوريا، لعقود، شهدت العلاقات بين البلدين تقلبات حادة، خاصة خلال الحرب الأهلية السورية التي بدأت في عام 2011، كانت تركيا من أبرز الداعمين للمعارضة السورية المسلحة ضد نظام بشار الأسد، وشاركت في عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية، استهدفت بشكل رئيسي المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني (PKK)، المصنف كجماعة إرهابية من قبل تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
مع الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر 2024، بدأت صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، أعادت تركيا فتح سفارتها في دمشق، وبدأت محادثات دبلوماسية وعسكرية مكثفة لتعزيز التعاون بين الجانبين.

تفاصيل الاتفاق الدفاعي الجديد
وفقاً للمصادر المطلعة، فإن الاتفاق الدفاعي بين تركيا وسوريا يتضمن عدة محاور رئيسية:
- تدريب تركيا للجيش السوري الجديد:
من المتوقع أن تقوم تركيا بتدريب القوات المسلحة السورية الجديدة، التي تم تشكيلها بعد حل الجيش السوري القديم ودمج الفصائل العسكرية المختلفة تحت قيادة موحدة، يأتي هذا التدريب في إطار تعزيز القدرات العسكرية للجيش السوري، خاصة في مجالات الدفاع الجوي والتسليح المتقدم. - إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا:
تشير المصادر إلى أن الاتفاق يتضمن إنشاء قاعدتين جويتين تركيتين في منطقة البادية السورية، وهي منطقة صحراوية شاسعة في وسط سوريا، ستسمح هذه القواعد لتركيا بالدفاع عن المجال الجوي السوري في حالة وقوع أي هجمات مستقبلية، كما ستستخدم لأغراض عسكرية أخرى. - استخدام المجال الجوي السوري:
سيسمح الاتفاق لتركيا باستخدام المجال الجوي السوري لأغراض عسكرية، بما في ذلك نشر طائرات مقاتلة من طراز “إف-16”.
أهداف تركيا من الاتفاق
تسعى تركيا من خلال هذا الاتفاق إلى تعزيز نفوذها في سوريا، خاصة بعد انسحاب إيران جزئياً من الساحة السورية كما تهدف أنقرة إلى إرسال رسالة قوية إلى المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا، الذين تعتبرهم تهديداً لأمنها القومي.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
من المتوقع أن يثير هذا الاتفاق قلقاً لدى بعض القوى الإقليمية والدولية، خاصة إسرائيل ودول الخليج، فقد أشارت تقارير سابقة إلى أن إسرائيل قامت ببناء قواعد عسكرية في هضبة الجولان السورية، مما يزيد من تعقيد الأوضاع في المنطقة.

التحديات المستقبلية
رغم أهمية هذا الاتفاق، إلا أنه يواجه عدة تحديات، منها:
- الموافقة النهائية: لا يتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي في الاجتماع الحالي بين الشرع وأردوغان.
- ردود الفعل الداخلية: قد تواجه القيادة السورية الجديدة انتقادات داخلية بسبب التعاون مع تركيا، خاصة من قبل الفصائل التي كانت تدعم نظام الأسد.
- التوترات الإقليمية: قد يودي هذا الاتفاق إلى تصاعد التوترات مع إسرائيل ودول الخليج، مما يوثر على الاستقرار الإقليمي.
يعد الاتفاق الدفاعي بين تركيا وسوريا خطوة استراتيجية مهمة لكلا البلدين، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، ومع ذلك، فإن نجاح هذا الاتفاق يعتمد على قدرة الجانبين على تجاوز التحديات الداخلية والخارجية، وتحقيق الاستقرار في سوريا والمنطقة ككل.




