
أثارت وفاة الطبيبة النفسية بان زياد طارق صدمة واسعة في العراق، بعدما تحولت من حادثة وصفت بداية بأنها انتحار في البصرة إلى قضية رأي عام، وسط تصاعد الشكوك بوجود جريمة قتل متعمدة تقف وراءها خيوط خفية مرتبطة بملفات حساسة.
وتوفيت الطبيبة قبل عشرة أيام حيث وجدت داخل منزل أسرتها في مدينة البصرة، وقد فارقت الحياة، بينما أعلنت العائلة أن الوفاة تعود إلى انتحار ناجم عن ضغوط نفسية، غير أن الكشف الأولي على الجثة أشار إلى وجود شبهة جنائية وليس انتحارًا.
ووفقًا للتقرير، الطبيبة وصلت إلى المستشفى من دون نبض، مع وجود جروح في كلا الذراعين بشكل طولي وعميق حتى ظهور العظم في الذراع، إضافة إلى كدمات حول الرقبة والوجه، مع وجود دماء على الملابس.
وأشارت وثيقة نشرها عضو مجلس النواب النائب عدي عواد، إلى وجود 6 ملاحظات في تقرير المعاينة الأولية لجثة الضحية، تثير الريبة في قضية “انتحارها”.
وتحدثت الوثيقة عن تعطيل كاميرات المراقبة قبل وأثناء وبعد الحادث بفعل فاعل لعدم وجود أي عطل بالمنظومة، إضافة إلى وجود آثار محيطة بالرقبة لعملية خنق بينما لم تعثر الأدلة الجنائية على أي حبل أو أداة أخرى استُخدمت لهذا الغرض عند الكشف على محل الحادث”.
وأشارت الوثيقة إلى وجود جرحين متماثلين بكلا اليدين بطول 9 سم وعرض 7 سم وبعمق يصل الى العظم وبشكل طولي، علمًا أن المجني عليها تستخدم اليد اليسرى عادة، بينما لم يتمّ العثور على الأداة الحادة التي أحدثت الجروح في محل الحادث.
وذكرت أن عبارة “أريد الله” التي زعم أن الطبيبة كتبتها بدمها على حائط الحمام بشكل عريض وبسماكة 3 سنتيمترات لكل حرف يحتاج الى دماء كثيرة لكتابتها.
كما أشارت إلى تأخر ذوي الضحية عن التبليغ عن الحادث، وقيامهم بتنظيف محل الحادث بعد نقل الجثة مباشرة من دون تصريح من الجهات المختصة.
كما أن العائلة قامت بتنظيف مكان الجريمة بعد نقل الجثة دون إذن من الجهات المختصة، وهو ما وصفه مراقبون بأنه محاولة لـ”طمس الأدلة”.
وأكدت الطبيبة لينا الهاشمي لشبكة “964” قائلة:
“لو أرادت بان الانتحار فعلًا لأخذت بعض العقاقير لتُنهي حياتها بيدها من دون أن تعذب نفسها”.
كما شككت بفرضية الانتحار مشيرة إلى أن طريقة الجروح لا تتفق مع أي محاولة انتحار، ومؤكدة أن المعتاد في حالات الانتحار عبر الشفرات أن يكون الشق أفقيًا عند المعصم، لا طوليًا وبعمق يصل إلى العظام”.
و مع تطور التحقيقات، أشارت مصادر أمنية إلى وجود خلافات حادة بين الطبيبة وشقيقها قبل أيام من الحادثة، ما دفع السلطات إلى استدعائه للتحقيق في الواقعة.
لكن القضية لم تتوقف عند هذا الحد، بل ارتبطت مباشرة بجريمة أخرى هزت البصرة قبل 9 أشهر، وهي مقتل الأستاذة الجامعية سارة العبودة على يد الأستاذ الجامعي ضرغام التميمي، شقيق زوجة محافظ البصرة أسعد العيداني.
وتداول ناشطون معلومات تشير إلى أن الطبيبة بان زياد كانت المسؤولة عن التقييم النفسي للتميمي، لكنها رفضت كتابة تقرير يثبت إصابته باضطراب نفسي، وهو ما كان سيحول دون تنفيذ حكم الإعدام بحقه.
النائبة السابقة رحاب العبودة كتبت على منصة “إكس” وصلني كلام خطير جدًا بخصوص مقتل الدكتورة بان، وإن صح فسوف أتصدى لكشف الحقيقة برمتها، هل بدأت تصفية من وقفوا مع الحق في قضية سارة العبودة؟”.
ومنذ إعلان الوفاة، شهدت شوارع البصرة احتجاجات شعبية شارك فيها ناشطون وحقوقيون، بالتوازي مع حملات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي شككت في رواية الانتحار.
وطالب المحتجون بفتح تحقيق مستقل وشفاف بعيدًا عن الضغوط السياسية، معتبرين أن ما جرى يعكس “محاولة واضحة لإغلاق ملف جنائي تحت غطاء الانتحار”.




