
في عالم يتشابك فيه الاقتصاد العالمي بشكل متزايد، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض “رسوم تجارية متبادلة” على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، مما أثار موجة من القلق والتساؤلات حول تداعيات هذه الخطوة على الاقتصاد العالمي، يأتي هذا القرار في إطار استراتيجية ترامب لتحقيق “العدالة التجارية” وإعادة توازن العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى، لكنه قد يشعل فتيل حرب تجارية واسعة النطاق.
ما هي الرسوم التجارية المتبادلة؟
الرسوم التجارية المتبادلة هي إجراءات جمركية تفرضها دولة ما على وارداتها من دولة أخرى، بناءً على الرسوم التي تفرضها تلك الدولة على صادراتها، بمعنى آخر، إذا كانت دولة ما تفرض رسومًا جمركية بنسبة 10% على منتجات الولايات المتحدة، فإن الأخيرة ستفرض نفس النسبة على وارداتها من تلك الدولة، يرى ترامب أن هذه الخطوة ضرورية لتحقيق العدالة التجارية وإنهاء ما يصفه بـ”الاستغلال التجاري” من قبل الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
تفاصيل القرار
في 13 فبراير 2025، وقع ترامب مذكرة تنفيذية توجّه مستشاريه بحساب رسوم جمركية جديدة تعكس السياسات التجارية للدول الأخرى، بما في ذلك الرسوم الجمركية والضرائب والإعانات وسياسات الصرف، وستشمل هذه الرسوم دولًا مثل كندا والمكسيك والصين والاتحاد الأوروبي، وهي أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، على سبيل المثال، ستفرض الولايات المتحدة رسومًا بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، و10% على واردات الطاقة الكندية، و10% على السلع الصينية.
تداعيات اقتصادية واسعة
قد تؤدي هذه الخطوة إلى ارتفاع تكاليف الواردات في الولايات المتحدة، مما سيؤثر على المستهلكين الأمريكيين الذين سيتحملون عبء زيادة الأسعار، وفقًا لخبراء الاقتصاد، قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة، والذي قد يصل إلى 3% أو أكثر خلال العام الجاري، كما أن هذه الإجراءات قد تدفع الدول الأخرى إلى فرض رسوم جمركية مماثلة على الصادرات الأمريكية، مما سيؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي العالمي.
ردود الفعل الدولية
لم تكن ردود الفعل الدولية على هذا القرار إيجابية، فقد أعلنت كندا عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على سلع أمريكية بقيمة 155 مليار دولار كندي، بما في ذلك البيرة والنبيذ والأخشاب، كما أعلنت المكسيك عن إجراءات جمركية مماثلة، بينما تعهدت الصين برفع دعوى ضد الولايات المتحدة أمام منظمة التجارة العالمية واتخاذ إجراءات مضادة لحماية مصالحها.
تأثيرات طويلة المدى
على المدى الطويل، قد تؤدي هذه الحرب التجارية إلى إعادة تشكيل التحالفات الاقتصادية العالمية، قد تبحث الدول عن شركاء تجاريين جدد لتجنب الرسوم الجمركية المرتفعة، مما قد يضعف من مكانة الولايات المتحدة كقوة اقتصادية عالمية، بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي هذه الإجراءات إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وزيادة التضخم، مما سيؤثر على جميع الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة.
في النهاية، يبدو أن قرار ترامب بفرض رسوم تجارية متبادلة هو خطوة محفوفة بالمخاطر، بينما يهدف إلى تحقيق العدالة التجارية، فإنه قد يؤدي إلى عواقب اقتصادية وسياسية واسعة النطاق، في عالم مترابط، لا يمكن لأي دولة أن تخرج رابحة من حرب تجارية، مما يجعل الحوار والتعاون الدولي أكثر أهمية من أي وقت مضى.