في ظل التطورات المتسارعة على الساحة العربية، خاصة فيما يتعلق بالأوضاع في قطاع غزة، أعلنت مصر تأجيل القمة العربية الطارئة التي كانت مقررة في 27 فبراير 2025 إلى 4 مارس من نفس العام، جاء هذا التأجيل لاستكمال التحضيرات اللوجستية والموضوعية للقمة، والتي ستناقش خلالها خطة عربية شاملة لإعادة إعمار غزة بعد الحرب الإسرائيلية التي استمرت 15 شهرًا ودمرت البنية التحتية للقطاع بشكل كبير.
في هذا السياق، يتوجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة السعودية الرياض يوم الخميس المقبل، وذلك وفقًا لمصادر أمنية مصرية، الزيارة تأتي لبحث خطة عربية مشتركة حول غزة، بما في ذلك إعادة الإعمار ومواجهة المقترحات الدولية المثيرة للجدل، مثل خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي اقترحت نقل سكان غزة إلى دول الجوار.
تفاصيل خطة إعادة إعمار غزة
أحد الأهداف الرئيسية لزيارة السيسي إلى السعودية هو مناقشة خطة إعادة إعمار غزة، والتي وضعتها مصر على ثلاث مراحل تمتد على مدار خمس سنوات، تشمل الخطة إنشاء “مناطق آمنة” داخل القطاع يمكن أن يعيش فيها الفلسطينيون بشكل مؤقت، بينما تقوم شركات مصرية ودولية بإعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة، كما تتضمن الخطة إنشاء إدارة فلسطينية محايدة للإشراف على جهود الإعمار، بعيدًا عن الانحياز لحماس أو السلطة الفلسطينية.
هذه الخطة تأتي كرد فعل على المقترحات الدولية التي تهدف إلى تهجير سكان غزة، وهو ما رفضته مصر والأردن والمملكة العربية السعودية بشكل قاطع، الرئيس السيسي أكد في تصريحات سابقة أن أي حلول يجب ألا تتضمن تهجير الفلسطينيين، معتبرًا ذلك “تصفية للقضية الفلسطينية”.
مواجهة مقترحات ترامب المثيرة للجدل
أثارت مقترحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ردود فعل غاضبة على المستويين العربي والدولي، فقد أعلن ترامب عن نيته تحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” تحت السيطرة الأمريكية، مع نقل سكانها إلى دول الجوار مثل مصر والأردن، هذا المقترح قوبل برفض قاطع من السلطة الفلسطينية وحركة حماس، بالإضافة إلى الدول العربية التي أكدت رفضها لأي شكل من أشكال التهجير القسري.
في هذا الإطار، تأتي زيارة السيسي إلى السعودية كجزء من الجهود العربية المشتركة لمواجهة هذه المقترحات وتقديم بديل عربي يعتمد على إعادة الإعمار دون تهجير السكان، كما يتوقع أن تناقش الزيارة سبل تعزيز الموقف العربي في المحافل الدولية، خاصة في ظل التصويت الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار يدعو إلى هدنة إنسانية في غزة.
تأجيل القمة العربية: الأسباب والتداعيات
أعلنت وزارة الخارجية المصرية أن تأجيل القمة العربية الطارئة جاء بعد التنسيق مع مملكة البحرين، رئيس الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية، وبالتشاور مع الدول العربية الأعضاء، ويرجع التأجيل إلى اعتبارات لوجستية مرتبطة بجداول قادة الدول العربية، بالإضافة إلى الحاجة إلى مزيد من التحضير لضمان نجاح القمة في تحقيق أهدافها.
من المتوقع أن تناقش القمة، التي ستعقد في القاهرة في 4 مارس، خطة إعادة إعمار غزة، بالإضافة إلى مواجهة التحديات السياسية والأمنية الناتجة عن الحرب الأخيرة، كما ستبحث سبل تعزيز الوحدة العربية في مواجهة الضغوط الدولية، خاصة فيما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية.
دور السعودية في الجهود العربية المشتركة
تأتي زيارة السيسي إلى السعودية في إطار تعزيز التعاون بين القوتين العربيتين الكبيرتين، مصر والسعودية، خاصة في ظل التحديات الإقليمية الراهنة، السعودية، التي ترأس الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية، تلعب دورًا محوريًا في صياغة الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى دعم الجهود الإنسانية في غزة.
من المتوقع أن تبحث الزيارة سبل تعزيز التنسيق بين الدول العربية في المحافل الدولية، خاصة في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر في غزة، كما ستبحث سبل دعم الجهود الإنسانية، بما في ذلك فتح معابر رفح لإدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر.
مستقبل القضية الفلسطينية في ظل التحديات الراهنة
زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى السعودية تأتي في إطار الجهود العربية المشتركة لمواجهة التحديات الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بقطاع غزة، في ظل التصعيد الإسرائيلي والمقترحات الدولية المثيرة للجدل، تبرز الحاجة إلى وحدة الصف العربي وتعزيز التعاون بين الدول العربية لضمان مستقبل القضية الفلسطينية.
من خلال خطة إعادة إعمار غزة ومواجهة مقترحات التهجير، تسعى الدول العربية إلى تقديم بديل يعتمد على الحلول الدائمة والاحترام الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني، في هذا الإطار، تعتبر زيارة السيسي إلى السعودية خطوة مهمة نحو تعزيز التنسيق العربي ومواجهة التحديات المشتركة.
