
في تصعيد جديد لسياساته الحمائية، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحذيراً صريحاً لشركة أبل عبر منصة “تروث سوشيال”، مهدداً بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على منتجاتها إذا لم تنقل تصنيع هواتف آيفون إلى الولايات المتحدة.
نص التهديد كما صرح به ترامب:
“لقد أبلغت تيم كوك منذ فترة طويلة أنني أتوقع أن يتم تصنيع هواتف آيفون… في الولايات المتحدة، وليس في الهند أو في أي مكان آخر. إذا لم يحصل ذلك، سيتوجب على أبل دفع رسم جمركي قدره 25% على الأقل للولايات المتحدة”
هذا التصريح يأتي ضمن سلسلة من التهديدات التي يطلقها ترامب منذ توليه الرئاسة، بهدف إعادة الصناعات الأمريكية إلى الداخل وتكمن أهمية هذا التهديد في عدة نقاط:
- حجم شركة أبل: تعد أبل واحدة من أكبر الشركات العالمية بقيمة سوقية تصل إلى تريليونات الدولارات
- أهمية آيفون: يشكل آيفون حوالي 60% من إيرادات أبل السنوية
- النطاق الجغرافي: تصنع أبل حالياً 90% من هواتفها في الصين
خلفية الصراع بين ترامب وتيم كوك
علاقة ترامب مع تيم كوك، الرئيس التنفيذي لأبل، شهدت تقلبات منذ بداية الولاية الرئاسية الحالية، ففي 15 مايو، أثناء زيارة ترامب لقطر، صرح الرئيس الأمريكي:
“كانت لدي مشكلة صغيرة مع كوك… لسنا مهتمين بأن تقوموا بالتصنيع في الهند… نريدكم أن تصنّعوا هنا.. وسيقومون بزيادة إنتاجهم في البلاد”
هذه التصريحات تكشف عن عدة حقائق:
- استمرار الضغط الأمريكي على الشركات متعددة الجنسيات لإعادة التصنيع محلياً
- رفض ترامب لأي حلول وسط مثل تصنيع آيفون في الهند بدلاً من الصين
- إصرار الإدارة الأمريكية على تنفيذ سياسة “أمريكا أولاً” حتى مع كبرى الشركات
التوقيت الاستراتيجي للتهديد
يأتي تهديد ترامب في وقت حرج لأبل، حيث:
- أعلنت الشركة عن خطط لزيادة الإنتاج في الهند
- تواجه ضغوطاً متزايدة في الصين بسبب الحرب التجارية
- تحاول تنويع سلسلة التوريد بعيداً عن الاعتماد الكبير على الصين
تأثير الرسوم الجمركية على صناعة التكنولوجيا
حرب الرسوم التي أطلقها ترامب في مارس الماضي وضعت شركات التكنولوجيا العملاقة، وعلى رأسها أبل، في مأزق حقيقي، فبعد رفع التعريفات الجمركية على السلع الصينية إلى 145%، ثم تخفيضها لاحقاً، أصبح القطاع التقني في حالة من عدم اليقين.
تصريحات تيم كوك التحذيرية
عند عرض نتائج الربع الأول لأبل في مايو، حذر كوك من:
- الآثار غير الواضحة للرسوم الجمركية البالغة 145%
- خطط أبل لجعل الهند “بلد المنشأ” لغالبية أجهزة آيفون المباعة في أمريكا
- التحديات اللوجستية لتحويل سلسلة التوريد العالمية
الأرقام الصادمة لاعتماد أبل على الصين
تشير البيانات إلى أن:
- 90% من إنتاج آيفون يتم في الصين
- أبل تبيع أكثر من 220 مليون آيفون سنوياً عالمياً
- 60 مليون وحدة منها تباع في السوق الأمريكية
التحديات اللوجستية لتصنيع آيفون في أمريكا
نقل تصنيع آيفون إلى الولايات المتحدة ليس قراراً سهلاً، بل ينطوي على تحديات جسيمة:
1. تحديات سلسلة التوريد
- غياب البنية التحتية للتصنيع الإلكتروني المتقدم في أمريكا
- الحاجة إلى إعادة بناء شبكة الموردين من الصفر
- ارتفاع تكاليف النقل للمكونات التي ستظل مستوردة
2. التكاليف الاقتصادية
- تقديرات بزيادة تكلفة تصنيع آيفون بنسبة 20-40%
- الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية
- ارتفاع أسعار المنتج النهائي للمستهلك
3. تحديات العمالة
- نقص العمالة الماهرة في مجال التصنيع الإلكتروني الدقيق
- ارتفاع أجور العمالة الأمريكية مقارنة بالصين
- الحاجة إلى برامج تدريب مكثفة

ردود الفعل والسيناريوهات المحتملة
في ظل هذا التهديد المباشر، تبرز عدة سيناريوهات محتملة:
السيناريو الأول: الامتثال الكامل
- نقل جزء كبير من التصنيع إلى الولايات المتحدة
- زيادة أسعار آيفون بنسبة 15-25%
- فقدان القدرة التنافسية العالمية
السيناريو الثاني: المقاومة القانونية
- اللجوء إلى القضاء ضد القرارات الجمركية
- تشكيل تحالف مع شركات تكنولوجيا أخرى
- الضغط عبر الكونجرس لإيقاف القرار
السيناريو الثالث: الحل الوسط
- نقل جزء رمزي من التصنيع إلى أمريكا
- الإبقاء على الجزء الأكبر في الصين مع دفع الرسوم
- تحويل بعض الإنتاج إلى دول أخرى مثل الهند أو فيتنام
مستقبل آيفون في ظل السياسات التجارية الأمريكية
تهديد ترامب لأبل يمثل نقطة تحول في العلاقة بين الإدارات الأمريكية وقطاع التكنولوجيا العالمي، فبينما تسعى أبل للحفاظ على كفاءة سلسلة التوريد العالمية الخاصة بها، تصر الإدارة الأمريكية على أولوية المصالح الوطنية قصيرة المدى.
التحدي الأكبر الذي تواجهه أبل يتمثل في:
- موازنة الضغوط السياسية مع الاعتبارات الاقتصادية
- الحفاظ على هوامش الربح التنافسية
- تجنب فقدان الحصة السوقية أمام منافسين مثل سامسونج
إن قرار نقل تصنيع آيفون إلى أمريكا – إذا ما تم – سيكون له تداعيات بعيدة المدى تتجاوز أبل لتشكل سابقة لجميع الشركات متعددة الجنسيات العاملة في السوق الأمريكية.