التاريخ والحضارة

كيف أسقطت معاهدات نابليون إمبراطوريته؟ اكتشف السبب

شهدت مسيرة نابليون بونابرت العسكرية والسياسية تفوّقًا وافتتانًا بتاريخ أوروبا، إلا أن سلسلة من المعاهدات الفاصلة قلبت موازين القوى ضده، وأدت في النهاية إلى سقوطه، نستعرض هنا ثلاث من أبرز الاتفاقيات التي أسقطت إمبراطوريته: تولينتينو 1797، لونيفيل 1801، وباريس 1814–1815.

1. معاهدة تولينتينو (19 فبراير 1797)

خلفية المعاهدة

بعد سلسلة المعارك في شمال إيطاليا ضد النمسا والدولة البابوية، أبرم نابليون معاهدة قاسية مع البابا بيوس السادس في تولينتينو، وفرض تعويضات ضخمة على الدولة البابوية.

أهم بنود الاتفاق

  • دفع الدولة البابوية 36 مليون جنيه فرنسي للخزانة الفرنسية.
  • تنازل البابا عن أفينيون وبولونيا وفيرارا ورومانيا لدولة سيسبادان التابع لنابليون
  • تسليم لوحات فنية ثمينة لمتحف اللوفر.

ساهمت هذه المعاهدة في تعزيز نفوذ نابليون في إيطاليا، لكنها كانت بداية إشعال القلاقل داخل عقد التحالفات الأوروبية.

لوحة تجسد معركة بحرية ملتهبة بين الأسطولين البريطاني والروسي.

2. معاهدة لونيفيل (9 فبراير 1801)

ظروف توقيع المعاهدة

في أعقاب الحملة الإيطالية والانتصارات المتلاحقة على النمسا، ضغط نابليون ليوقع معاهدة سلام مع الإمبراطورية الرومانية المقدسة، ممثلة بالنمسا، في لونيفيل.

أبرز بنودها

  • اعترفت النمسا بحدود فرنسا حتى ضفاف نهر الراين.
  • سحب النمسا قواتها من شمال إيطاليا.
  • الاعتراف بالدول التي أسسها نابليون مثل جمهورية هلفيتيا وألب شمالية وليغوريا.

شكّلت هذه المعاهدة انتصارًا دبلوماسيًا لنابليون، لكنها أثارت الحاجة إلى مواجهة مشتركة لاحقًا بين الدول الأوروبية.

3. معاهدة باريس (1814–1815)

نهايتان متتاليتان

بعد حملة روسيا الكارثية وخصومات قوى التحالف، أجبر نابليون على التنازل عن العرش عام 1814، ثم فر إلى إلبا، لكن عودته القصيرة في “مئة يوم” قضت عليها هزيمته في واترلو (18 يونيو 1815)، وتلاها توقيع معاهدة باريس الثانية (20 نوفمبر 1815).

مضمون الاتفاق الرسمي

  • تخفيض حدود فرنسا إلى حدود ما قبل 1790، مع استعادة كنوز الأراضي الثورية السابقة.
  • فرض تعويضات مالية بقيمة 700 مليون فرنك تُسدّد على 5 سنوات.
  • الاحتلال العسكري لقوات التحالف في أجزاء حدودية شرقية لفرنسا.
  • ضبط اللغة الدبلوماسية: وُضعت المعاهدات رسمياً بالفرنسية.
  • اتفاقيات فرعية فردية مع كل من روسيا، بريطانيا، النمسا وبروسيا، إضافة لقانون حياد سويسرا.

مثل هذا الترتيب النهائي نهاية الهيمنة النابليونية وعودة النظام الملكي الأبوي في فرنسا.

ألكسندر الأول في زيه الإمبراطوري، واقفًا بشموخ وهيبة

4. ما بين النصر والهزيمة: تحليل تاريخي

كانت معاهدة تولينتينو بداية لاستنزاف النفوذ البيت البابوي وتحويله لصالح فرنسا، لكن توقيع لونيفيل رفع سقف نفوذ نابليون إلى ذروة سياسة التحالف، رغم هذا النجاح، ظهرت هشاشة النظام في الحملات الكبرى (روسيا 1812، شبه الجزيرة)، مما أتاح الفرصة لقوى أوروبا لتوحيد صفوفها، إن متابعة الحملة الروسية أدّت لخسارة مليون تقريبًا، وألحقت ضربات موجعة بإمبراطوريته.

بعد الهزيمة في واترلو، لم يعد أمام القوى المتحالفة خيار إلا التسوية القطعية عبر معاهدة باريس، التي ألغت كل المكتسبات النابليونية وبالتالي، شكلت هذه المعاهدات الثلاث شبكة من الخنق الاقتصادي والسياسي والعسكري، حاصرت نابليون وأذلت طموحه.

قدمت معاهدة تولينتينو ضربة أولى لطموح نابليون في إيطاليا، في حين أكملت لونيفيل رسملة الانتصار الدبلوماسي، أما باريس، فشكلت الضربة القاضية عبر سلسلة إجراءات عقابية شاملة، أعادت الخريطة الأوروبية لما قبل الثورة، تظهر هذه المصطلحات كيف أن التحالف الأوروبي، عبر توظيف كل اتفاقية في التوقيت المناسب، توانت نابليون من السلطة وأرسلت إمبراطوريته إلى زوال نهائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى