تعد الإسكندرية، عروس البحر المتوسط، واحدة من أعظم المدن التاريخية في مصر، ومقصدًا سياحيًا لا غنى عنه لكل من يسعى لاستكشاف عبق الماضي وروعة الحضارات القديمة، إذا كنت تخطط لزيارة هذه المدينة الساحرة، ستجد مجموعة من الآثار التاريخية والمعالم الثقافية التي تبرز مكانتها الفريدة بين المدن المصرية.
تاريخ مدينة الإسكندرية
تأسست الإسكندرية على يد الإسكندر الأكبر عام 331 قبل الميلاد لتكون عاصمة لمصر خلال العصر البطلمي، شهدت المدينة مراحل تاريخية متعددة بداية من الحقبة الفرعونية مرورًا بالحضارات اليونانية والرومانية وحتى العصر الإسلامي، تعد الإسكندرية مركزًا ثقافيًا عالميًا، وكانت تُلقب بـ”عاصمة العلم والمعرفة” في العصور القديمة.
أبرز معالم آثار الإسكندرية
1. مكتبة الإسكندرية الجديدة
تعتبر مكتبة الإسكندرية واحدة من أعظم الإنجازات الثقافية الحديثة، وهي امتداد للمكتبة القديمة التي كانت تعد مركزًا علميًا عالميًا، تضم المكتبة ملايين الكتب، وقاعات للمؤتمرات، ومراكز بحثية، ومتاحف، تستقطب المكتبة الزوار من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بمعمارها الفريد ومحتواها الثقافي.
2. عمود السواري
يعد عمود السواري من أشهر المعالم الرومانية في الإسكندرية، يبلغ ارتفاعه حوالي 27 مترًا، ويُعتقد أنه بُني في القرن الثالث الميلادي تكريمًا للإمبراطور دقلديانوس، يمثل العمود نموذجًا مميزًا للهندسة الرومانية ويعتبر من المعالم التي لا بد من زيارتها.
3. المسرح الروماني
يقع المسرح الروماني في منطقة كوم الدكة ويعود تاريخه إلى القرن الرابع الميلادي، يتسع المسرح لنحو 800 شخص، وهو تحفة معمارية فريدة تُستخدم أحيانًا لإقامة العروض الفنية والموسيقية.
المعالم الإسلامية في الإسكندرية
قلعة قايتباي
تعد قلعة قايتباي واحدة من أهم المعالم الإسلامية التاريخية في مدينة الإسكندرية، تم تشييدها في القرن الخامس عشر الميلادي بأمر من السلطان الأشرف أبو النصر قايتباي، الذي أراد تعزيز الدفاعات الساحلية لمصر وحماية المدينة من الهجمات البحرية، خاصة بعد سقوط القسطنطينية في يد العثمانيين، بنيت القلعة في موقع منارة الإسكندرية القديمة، التي كانت واحدة من عجائب الدنيا السبع القديمة قبل أن تتعرض للتدمير بسبب الزلازل.
تتميز القلعة بتصميمها الهندسي الفريد الذي يجمع بين القوة والجمال، تضم أسوارًا شاهقة وأبراجًا دفاعية تُطل على البحر المتوسط، تعد القلعة اليوم وجهة محببة لعشاق التاريخ والتصوير، حيث توفر إطلالات بانورامية رائعة على البحر ومدينة الإسكندرية، بالإضافة إلى ذلك، تضم القلعة متحفًا بحريًا يعرض تاريخ الأسطول المصري والمخطوطات القديمة.
مسجد المرسي أبو العباس
يعد مسجد المرسي أبو العباس من أشهر وأكبر المساجد في الإسكندرية وأحد أبرز المعالم الإسلامية فيها بني المسجد في عام 1775 تخليدًا للإمام الصوفي المرسي أبو العباس، الذي عاش في المدينة خلال القرن الثالث عشر، يتميز المسجد بقبته البيضاء الضخمة ومآذنه الطويلة، إضافة إلى الزخارف الإسلامية والنقوش الهندسية الرائعة التي تُبرز روعة العمارة الإسلامية.
يجذب المسجد آلاف الزوار يوميًا من السكان المحليين والسياح الذين يتوقون للتأمل في تصميمه الفني وأداء الصلاة فيه، يعد المسجد مكانًا روحانيًا مميزًا لمن يبحث عن الهدوء والسكينة.
زاوية الأتراك
من المعالم الإسلامية الأخرى في الإسكندرية زاوية الأتراك، التي بنيت خلال العصر العثماني، تتميز بمئذنتها المميزة وموقعها المركزي، حيث كانت مركزًا للعبادة والتعليم الإسلامي، الزاوية تُظهر تأثر المدينة بالتاريخ العثماني وتبرز اندماج الثقافات الإسلامية المختلفة فيها.
جامع البوصيري
جامع البوصيري، الذي يعود تسميته إلى الإمام شرف الدين البوصيري، أحد أبرز الشعراء والمتصوفين في العصر الإسلامي، يقع المسجد بالقرب من الميناء الشرقي ويتميز بهندسته التقليدية، يشتهر المسجد بأجوائه الروحانية المميزة ومكانته لدى أهل الإسكندرية.
قصر المنتزه: جوهرة الإسكندرية الملكية
قصر الملك فاروق، المعروف أيضًا بقصر المنتزه، يعتبر واحدًا من أبرز المعالم التاريخية الفريدة في الإسكندرية، يقع القصر في منطقة المنتزه على شاطئ البحر المتوسط، ويتميز بطرازه المعماري الذي يجمع بين الطراز الإسلامي والأوروبي، بُني القصر في أوائل القرن العشرين ليكون مقرًا صيفيًا للعائلة المالكة، تحيط بالقصر حدائق خضراء واسعة تضم أشجارًا نادرة ونباتات زينة تجعلها وجهة سياحية مميزة.
القصر كان شاهدًا على فصول مهمة من تاريخ مصر الحديث، بما في ذلك فترة حكم الملك فاروق، آخر ملوك الأسرة العلوية، اليوم، يعد القصر جزءًا من التاريخ المصري ويستخدم كمعلم سياحي يستقطب الزوار للاستمتاع بجمال التصميم المعماري والمناظر الطبيعية المحيطة به.
آثار فرعونية وإغريقية أخرى
مقابر الشاطبي
تعتبر من أقدم المقابر الأثرية في المدينة، وتُظهر التأثير اليوناني الواضح في تصاميمها، يمكنك استكشاف النقوش والرموز التي تعود إلى العصر البطلمي.
سراديب الموتى بكوم الشقافة
هي واحدة من عجائب العالم القديم وأكبر المواقع الأثرية في الإسكندرية، تحتوي السراديب على مزيج فريد من الفنون الفرعونية والإغريقية والرومانية.
أفضل الأنشطة السياحية في الإسكندرية
تعتبر الإسكندرية مدينة نابضة بالحياة، تقدم مجموعة متنوعة من الأنشطة التي تناسب جميع الأذواق، سواء كنت من محبي الطبيعة، التاريخ، أو حتى الاسترخاء، إليك أبرز الأنشطة التي يمكنك الاستمتاع بها أثناء زيارتك لعروس البحر المتوسط.
1. جولة على الكورنيش
يعد كورنيش الإسكندرية واحدًا من أجمل الأماكن التي يمكنك زيارتها، انطلق في نزهة مشيًا على الأقدام أو استقل عربة “الحنطور” التقليدية للاستمتاع بنسيم البحر الساحر وإطلالات الغروب الرائعة، يمكن أيضًا تناول وجبة لذيذة في أحد المطاعم أو المقاهي المطلة على البحر، والتي تقدم المأكولات البحرية الطازجة والمشروبات المميزة.
2. زيارة حدائق المنتزه
تمتد حدائق المنتزه على مساحة شاسعة مليئة بالأشجار النادرة والنباتات المزهرة، تعتبر هذه الحدائق ملاذًا هادئًا بعيدًا عن صخب المدينة، حيث يمكنك قضاء يوم كامل في التجول بين المساحات الخضراء أو استئجار قارب للاستمتاع بجولة في البحر، ولا تنس زيارة قصر المنتزه الملكي، الذي يعكس مزيجًا رائعًا من العمارة الإسلامية والأوروبية.
3. استكشاف الأسواق التقليدية
لا تكتمل زيارتك للإسكندرية دون تجربة التسوق في الأسواق المحلية، مثل سوق زنقة الستات وسوق المنشية، ستجد هناك مجموعة متنوعة من المنتجات، بدءًا من الملابس والإكسسوارات إلى التوابل والمنتجات اليدوية.
4. ركوب الأمواج
إذا كنت من محبي المغامرات المائية، فإن شواطئ الإسكندرية تقدم فرصًا رائعة لممارسة ركوب الأمواج أو السباحة، شاطئ المعمورة وشاطئ أبو قير هما من بين أفضل الخيارات.
5. زيارة المراكز الثقافية
استمتع بالفعاليات الفنية والمعارض الثقافية في مكتبة الإسكندرية، حيث تُقام دورات وورش عمل متنوعة تناسب جميع الأعمار.
الإسكندرية حقًا مدينة تُلبي كافة احتياجات زوارها، مما يجعلها وجهة سياحية مميزة لكل محبي الاستكشاف والاستمتاع.
أفضل وقت لزيارة الإسكندرية
تتميز الإسكندرية بمناخها المعتدل طوال العام، ومع ذلك، يعتبر فصل الربيع (مارس – مايو) وفصل الخريف (سبتمبر – نوفمبر) أفضل الأوقات للزيارة لتجنب حرارة الصيف وزحام الموسم السياحي.
ماذا تأكل في الإسكندرية؟
تشتهر الإسكندرية بأطباقها البحرية الطازجة، يمكنك تجربة المطاعم المحلية لتناول السمك المشوي، والجمبري، والكاليماري، كما أن المدينة تشتهر بحلوياتها مثل الكنافة والبسبوسة.
كيفية الوصول إلى الإسكندرية
الإسكندرية تبعد حوالي 220 كيلومترًا عن القاهرة، يمكن الوصول إليها بسهولة بالقطار، أو الحافلات السياحية، أو السيارات الخاصة، كما يوجد مطار برج العرب الدولي الذي يخدم المدينة.
الإسكندرية ليست مجرد وجهة سياحية عادية، بل هي بوابة لاستكشاف تاريخ عريق وثقافة غنية، تضم المدينة مجموعة متنوعة من الآثار والمعالم التي تجعل زيارتها تجربة لا تنسى، إذا كنت تبحث عن مكان يمزج بين التاريخ والجمال الطبيعي، فإن الإسكندرية هي الخيار الأمثل.
